ساري علان
عدد المساهمات : 20 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 18/04/2011 العمر : 44 الموقع : https://mallan7jtf.ahlamontada.com/u7
| موضوع: الحاجة عائشة من قرية بدرس : 2011-04-23, 22:23 | |
| 3_002.jpg[/img]
صوت الناس
الحاجة عائشة من قرية بدرس : " هاي أرضنا... وشو الجرافة!!! والله هجمنا عليها مرة قام صاحبها فقس، دشّر الجرافة وجرى جراية"
الحاجة عائشة من قرية بدرس، صوت حق نابض بالحياة، ثابتة راسخة كزيتونة رومية شدت جذورها في باطن الأرض وافترشت فيه مكانا آمنا يحميها من جرافات الاحتلال، عروقها وقسمات وجهها الحادة تروي لنا حكاية الآباء والأجداد، ترسم لنا طريق الثبات والإباء، هي جزء من هذا الوطن ورمز من رموزه تألمت بحكايته ونكباته المتكررة إلا أن روح المقاومة والكفاح بقيت تسكن روحها فتذكر كل فلسطيني بما هو فلسطيني.
تعيش الحاجة عائشة ابنة السبعين وعائلة ابنها 15 نفرا في قرية بدرس غربي مدينة رام الله، لا تملك فيها سوى 18 دونما مغروسة بأشجار الزيتون لكن جدار الفصل العنصري التهمها وحرم العائلة منها. " 70 شجرة زيتون إلي رحن هدول تقلعن وحطوا محلهن إسفلت".
عمود فقري للعائلة الحاجة عائشة هي سند عائلتها في هذه الحياة الصعبة، فابنها محمد مصاب بمرض في ظهره منذ مدة وبالتالي فان عليها تدبير أمور أحفادها، في السابق كانت الارض وبعض الأعمال البسيطة التي تقوم بها تفي احتياجات الأسرة المتواضعة، ولكن الجدار افقد العائلة مصدر قوتها، وجعلها تنتظر ما تجود به الجمعيات الخيرية عليها " الجدار أخرب بيتنا الجدار بقت عيشتنا على الارض هلقيت والله الشؤون الاجتماعية يتصدقوا علينا والا مضلش من مرة"
عائلة يشتتها الجدار الارض الشجر والحاجة عائشة عائلة واحدة شتتها الجدار وفرقها، هذه الأرض هي مصدر رزقها وجزء من العائلة التي ربيت معها، ولدت بهذه الارض وعايشت ما بها يوما بيوم فكانت ألام والأخت والابنة لشجرات الزيتون واللوز التي اقتلعتها جرافات الاحتلال، منذ أن وعت الدنيا وهي تزرع وتفلح كانت تنقل الماء على رأسها من بئر القرية لتروي ظمأ الشجيرات الغضة وكم كانت فرحتها عظيمة وهي ترى هذه الشجيرات قد أينعت وأثمرت، لم تكن هذه الفرحة تختلف عن فرحتها بأحمد وفتحية " الشجرة زي ولادو الواحد شو اشي منهن قدي واشي اكبر مني واشي من جيل احمد وفتحية". بدت تعتصر من الألم رغم ما أبدته من إصرار وتحد وهي تذكر كيف اقتلعت الجرافات هذه الأشجار، لم يكن سائق الجرافة يعي حجم الجريمة التي يقوم بها انه يقتل طفلا من أطفالها وأخا من إخوتها.
علاقة متبادلة العلاقة التي وصفتها الحاجة عائشة مع الارض متبادلة، هذه الأشجار لم تبخل عليها يوما بمنتوجاتها فكانت تكفي احتياجات الأسرة من الزيت والزيتون، عدا عن كونها مادة لصناعة تقليدية مازالت تعتمد عليها، فالصابون الذي كانت تصنعه من زيت الزيتون يكفي العائلة و توزع منه على جيرانها وأقربائها. وبين الأشجار تزرع الحاجة من الخضروات ما يكفي العائلة ويزيد، فتبيع ما تبقى منه لتزيد دخل العائلة " بقن الزيتونات يجبلنا قنطار زيت بقى يقضي مونتنا يوكلوا منو الولاد منرضاش نبيع" وتكمل" بقيت ازرع بندورة وكوسا وقمح بقى يزيد والي يضل أبيعوا أرطال بقيت أبيعهن في الأردن بقى حقهن مدخول يدخل علينا".
لوحة يشوههاالجدار الجبال، النباتات البرية والأغنام لوحة متكاملة نسجتها الطبيعة، وكانت عائشة تستمتع بمشاهدها وتتذوق تفاصيلها، لكن الجدار مزقها وشوه معالمها، فكم كانت روحها تتجلى عندما تسرح بأغنامها في جبال القرية وبين أحراشها، هذه الجبال متنفسها الوحيد وسوقها الذي ترتاده لتملأ سلتها بمنتجات الطبيعة تقطف الزعتر والعكوب والزعتمان وتجمع الحطب وقودها للطهي والتدفئة في فصل الشتاء، وكثيرا ما كانت تصطحب أحفادها فيصولون ويجولون في أحضان الطبيعة “ بقينا ندوخذهم يشموا الهوى هلقيت وين منحشرنا في سجن كلو تسكر". وكم هي المرات التي تجمعت فيها نسوة بدرس في هذه الجبال يتحدثن ويتسامرن في " العصريات" تلك الأوقات طواها الجدار وجعلها ذكريات.
يد واحدة لمقاومة الجدار الجدار وجرافات الاحتلال لم تثبط عزيمة الحاجة عائشة، فقد تصدت لآلياتهم بكل ما أوتيت من قوة الإيمان فهي صاحبة حق ولن تتخل عن حقها في الارض، هّبت وأهالي القرية للوقوف أمام الجرافات ومنعها من تجريف أراضي القرية، تعلقت بهذه الجرافات وتعاركت مع جنود الاحتلال وسائقي الجرافات، كان العراك يتخذ طابعا عنيفا يستخدم الجنود الهراوات وقنابل الغاز والأعيرة المطاطية لتفريقهم وثنيهم عن المقاومة، لكنهم ورغم الأذى بقوا متمسكين بحقهم ومرابطين بأرضهم، وكم كانت فرحتهم عظيمة وهم يرون تلك الآليات تقهقر من الخوف " وشو الجرافة والله هجمنا عليها مرة قام صاحبها فقس دشّر الجرافة وجرى جراية"، وقفتهم في الارض كانت يدا واحدة كبيرهم قدوة لصغيرهم " بقينا ايد وحدة الكبار الصغار النسوان بقينا نهود ايد وحدة إلي الو ارض والي مالوش".
وحشية الاحتلال الاحتلال اتخذ العقاب الجماعي سياسة لترهيب أهالي القرية وثنيهم عن المقاومة، يتلذذ بتعذيبهم وترويعهم عبر المداهمات والاعتقالات، لكنهم كانوا يهبون لمقاومتهم، أخذت الحاجة تروي لنا تلك الايام والليالي التي قضتها تخلص الشبان والأطفال من أيدي جنود الاحتلال الذين كانو يداهمون القرية لاعتقالهم، فعندما كان الجنود يهيمون بمداهمة القرية كانت النسوة يقمن بالفزعة لتخليص الشبان من أيديهم وكم نجحن في ذلك رغم الأذى الذي كن يتعرضن له" بقيت رايحة على العزا لحقني البنات وقلنلي هيهم اخذو شب رمحت لقيتهم مربطينو قمت حاولت اسحبو اخذتو ومشيت قام الجندي لحقني وضربني في البسطار على اجري مقدرتش امشي".
تحد وإصرار لا تزال الحاجة عائشة تتعرض لاعتداء الجنود عندما تذهب إلى الجهة التي أقيم عليها الجدار، لكنها ما زالت تصر على فلاحة ما بقي من أراضي القرية، فبعد أن ذهبت أرضها، أصبحت تفلح أراضي القرية بالأجرة وتتجرأ للوصول إلى المناطق التي يعتبرها الاحتلال محظورة، تقوم بأعمالها وتعود دون أن تأخذ بتهديدات الدوريات المتواجدة في المكان، تدير ظهرها أمام نداء اتهم وتهديداتهم، وكم كانت لها الغلبة وهي تتصدي للجنود وتصر على مواصلة عملها فهم لن يرهبوها بأسلحتهم ودباباتهم" بقيت بدي احرث الارض قلي ارجعي قلتلو بدي أروح احرث الارض جرب يرجعني مرجعتش، غلبت عليه وهودت حرثت وهم واقفين هلقيت بشوفهم بدير وجهي عنهم وبضل ماشية بردش عليهم". | |
|