الحركة الرياضية الفلسطينية كان لها دور بارز في ترجمة ونقل هموم شعبنا المرابط ، وما واكب القضية الفلسطينية ، وطبيعة الاستهداف الصهيوني لها عبر كل المحطات .
ورغم مرارة التشرد والنكبة وما واكب الشعب العربي الفلسطيني من آلام ونكبات ، وبعد نكسة العام 1967 تأثرت الحركة الرياضية لفترة زمنية امتدت للعام 1970 .
حيث أغلقت الأندية والمراكز الرياضية بسبب الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزة .
وفقدت الحركة الرياضية الفلسطينية كوكبة كبيرة من أبطالها وقادتها وروادها وكوادرها خلال الحرب شهداء و اسري من اجل الحرية.
ورغم طبيعة التحديات وظروف الاحتلال القاسية والملاحقة والمطاردة من قبل دوائر الاحتلال الصهيوني لقطاع الرياضيين .
انطلقت حركة الرياضيين القدامى بقطاع غزة بعزيمة وإصرار وإيمان صادق لإعادة بناء الحركة الرياضية وتثبيت أقدامها على الساحة المحلية بعد ما أصابها بسبب الحرب وفقدان الارض .
فبدأ النشاط تدريجياً بشكل مباريات ودية لفرق الساحات الشعبية ، ، وسرعان ما ازدهر هذا النشاط وبدأ يتطور إلى أن حملت مجموعة من الرياضيين القدامى وفي مقدمتهم إبراهيم المغربي – محمد غياضة و المرحوم سعيد الحسيني لواء العمل والمسئولية على تدشين جسر التواصل مع رياضيي الضفة الغربية ، وأثمرت هذه الجهود على عقد أول لقاء تاريخي على ملعب اليرموك جمع منتخب مدينة القدس وشباب غزة ، الذي انتهت أحداثه بالتعادل .
فكان هذا اللقاء التاريخي له صداه في الشارع الرياضي وسرعان ما عادت الروح والنشاط رغم الاحتلال وممارساته ، وتوالت اللقاءات الودية بين الفرق الرياضية بمحافظات غزة والضفة الغربية .
وشهد اليرموك العهد الذهبي للكرة الفلسطينية ، والتفت الجماهير العريضة خلف الرياضيين القدامى الذين استطاعوا أن يعيدوا الروح في الجسد الرياضي الفلسطيني .
وساهمت نخبة من الحكام المخضرمين في إدارة وإنجاح هذه اللقاءات الرياضية علي ملاعب القطاع الصامد من رفح حتي بيت حانون0
وأمام هذا النشاط كان لا بد من التفكير في إعادة فتح المؤسسات والأندية الرياضية ، حيث بادرت مجموعة من الرياضيين القدامى وعلى رأسهم المرحوم عبد الكريم الشوا – المرحوم إبراهيم عويضة – الحاج سالم الشرفا – المرحوم سعيد الحسيني ، بالتوجه للمرحوم الحاج رشاد الشوا عمدة مدينة غزة ، مقابلته وطرح مشروع إعادة فتح نادي غزة الرياضي .
حيث ثمن هذا الموقف ووعد ببذل كل الجهود والعمل على إعادة فتح نادي غزة الرياضي ليعود يدير دفة العمل والنشاط للأندية والمؤسسات كما كان دائماً منذ تأسيسه رائداً في هذا المجال .
وفي العام 1974 ومع تطور النشاط الرياضي وحاجة الوطن لعودة المؤسسات والمراكز الرياضية للعمل وإدارة دفة النشاط والحركة ، والمساهمة في تفعيل الحركة الرياضية ، والمحافظة على ديمومتها واستمراريتها .
اعيد افتتاح نادي غزة الرياضي في هذا العام ، حيث تولى النادي ومنذ اللحظة الأولى العمل على بناء الرياضة الفلسطينية ، وإعادة بريقها ، وفتح ذراعيه لكل الرياضيين والإعلاميين للنهوض بالحالة الرياضية الفلسطينية التي سرعان ما بدأت بالنمو والتطور ، وأثمر ذلك عن فتح العديد من الأندية والمراكز الرياضية التي انطلقت بأنشطتها وبرامجها الرياضية المتنوعة لتتوافق مع مسيرة نادي غزة الرياضي والحركة الرياضية الفلسطينية ليتعاظم النشاط الرياضي ، ويسهم ذلك في نقل هذه الحالة لمحافظات الضفة التي سارت بالتوازي ومنذ اللحظة الأولى للعمل والإعداد والبناء مع محافظات القطاع لتعود الحركة الرياضية بقوة .
وكان لوكالة الغوث للاجئين ومن خلال مراكز الشباب التي اقامتها في مخيمات اللاجئين دور بارز في النشاط و الحركة و ساهم إلي حد كبير في ايجاد رياضة شبابية ساعدت هي الاخري في دفع عجلة النشاط إلي الامام
وفي نفس السياق كان للمعاهد الرياضية و من خلال اجهزتها المتخصصة دور بارز في تنظيم انشطة رياضية و شبابية اتسمت بالشمولية .
وأمام هذا الزخم الكبير والفعل الوطني والرياضي لحجم هذا النشاط ، كان لا بد من التفكير لتشكيل جسم يرعى هذه الأنشطة ويكون مسئولاً عن عملية التنظيم والإدارة .
فبادرت مجموعة من الرياضيين القدامى أمثال صبحي فرح – إبراهيم عويضة – عبد الكريم الشوا – عبد الرحمن درابيه – محمد نصر– داوود عكيلة - علي ابوحسنين… وآخرين ، بعقد اجتماع تم خلاله مناقشة العديد من الأفكار والاطروحات التي تهم الحركة الرياضية وتبلور عن هذا الاجتماع فكرة تشكيل رابطة الأندية الرياضية التي ضمت في عضويتها 23 نادياً ، وكان ذلك في العام 1978 .
وحصلت الرابطة على شرعيتها وقانونيتها من القاعدة العريضة للرياضيين الفلسطينيين في الضفة والقطاع ( عمومية ألأندية الرياضية ) لتكون حاضنة الالعاب في ظل عدم السماح للاتحادات الرياضية من ممارسة نشاطها و تنفيذ برامجها الرياضية لمختلف الالعاب الرياضية .
وبعد أن تم تشكيل الرابطة تسابق أعضاؤها في رئتي الوطن للابداع والتطور والمساهمة والعمل على ازدهار النشاط لا سيما بعد حالة جمود قسري بسبب الاحتلال .
وانطلقت مسابقات الرابطة للألعاب الجماعية والفردية وأصبحت أشرعة رابطة الأندية الرياضية مظلة الأندية الرياضية والمراكز على مستوى الوطن .
واصبحت بطولات الدوري العام والكأس بكرة القدم وتنس الطاولة وكرة السلة والكرة الطائرة والألعاب الأخرى مدعاة فخر واعتزاز لقادة ورواد استطاعوا أن يتجاوزوا العقبات والتحديات من أجل النهوض بالواقع الرياضي الفلسطيني المؤلم إلى واقع اكثر إشراقاً وشمولية .
وكان للاحتكاكات الرياضية المباشرة للفرق الرياضية على مستوى الضفة والقطاع أثراً طيباً في ازدهار الحركة الرياضية الفلسطينية وكانت عملية التنسيق بين رابطي الأندية الرياضية في رئتي الوطن قد وصلت لتشكيل مكتب تنفيذي موحد للرابطة برئاسة الاستاذ معمر بسيسو و المرحوم ماجد اسعد.
مرة أخرى وضمن حقبة تاريخية جديدة تتحمل الحركة الرياضية وكوادرها وقادتها وروادها مسئوليات وطنية تاريخية خلال الفترة من العام 1978-1994 .
حيث الانتفاضة المباركة الأولى ، فتركز مجهود الرياضيين الفلسطينيين على الانخراط في العمل الوطني والمشاركة بالانتفاضة ، والتثبث بالأرض مع المحافظة على النشاط الرياضي ضمن ظروف كل محافظة وبما يتناسب وطبيعة الحالة التي تعيشها
المحافظة لضمان استمرارية النشاط الرياضي ، وتعزيز هذا الدور باعتبار الحركة الرياضية هي أحد أهم وأبرز الروافد التي ساهمت في تأجيج الانتفاضة المباركة
فعلى مدار الأشهر الأولى ومع غليان الانتفاضة المجيدة وسقوط المئات من الشهداء أقفلت الأندية والمؤسسات والمراكز الرياضية أبوابها تلبية لنداء القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة ، وتجسدت وحدة العمل الميداني على الأرض ، وارتبك العدو الصهيوني لهذا التلاحم المتميز للقطاع الرياضي .
ورغم الحالة التي مر بها الوطن وتداعياتها عاد النشاط وبشكل تدريجي ومدروس ومنظم ، حيث حملت هذه الأنشطة الرياضية أسماء الشهداء ، والمناسبات التاريخية والوطنية ، وأطلقت على هذه الفعاليات أسماء واضحة المعاني والرموز ، وشكل هذا النشاط جسراً لدعم الانتفاضة المباركة كذلك كان للاتحاد العام للنقابات العمالية الفلسطينية بالقطاع دور بارز في هذا المجال وساهم في الحراك الرياضي في ذلك الوقت0
وفي الوقت الذي كان فيه شعبنا الفلسطيني يكتب بالدم تاريخاً مشرقاً ، ويسقط فيه مئات الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والمعاقين برصاص الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، ورغم كل ممارسات الاحتلال وإجراءاته التعسفية والقمعية بحق شعبنا وقادة وأبطال الحركة الرياضية الفلسطينية ، ورغم كل أشكال الملاحقة والمطاردة والإبعاد عن الوطن ، ظل القطاع الرياضي رافداً الساحة بالأبطال الذين تقدموا الصفوف والتحموا مع أبناء شعبهم في معركة الواجب ، معركة التحرير والاستقلال .
إن الصورة النشطة والفاعلة لحجم هذه الأنشطة الرياضية والفعاليات التي امتدت على امتداد مساحة الوطن ، ورسم من خلالها أبناء الحركة الرياضية الفلسطينية خارطة وحدود الوطن تحت مظلة رابطة الأندية الرياضية ، ستبقى جزءً مهماً من تاريخ الرياضة الفلسطينية ، هذا التاريخ الذي ما زال يعبق بأعظم صور المجد والتضحية والإنجازات التي ما زالت ماثلة في ذاكرة التاريخ ، وموثقة لتعرفها الأجيال القادمة .