الوحدة الوطنية الفلسطينية
من الانطلاقة الى الانتفاضة
(1)
مقدمة
عندما اعلن الصهاينة ان فلسطين هي (ارض بلا شعب لشعب بلا وطن)، قرر المؤتمر الصهيوني الاول الذي عقد في مدينة بازل السويسرية عام 7981 (خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام). لقد شكل هذا القرار على الجانب الآخر بروز خصوصية لفلسطين الارض ولفلسطين الشعب. واصبحت بذور الوطنية الفلسطينية تشكل الدرع الذي لا بد من استنفاره لحماية ذاته. وحيث ان فلسطين في ظل الحكم العثماني كانت تقسم اداريا الى قسمين، اولهما يشمل القسم الشمالي ويتألف من لواء نابلس ولواء عكا التابعين لولاية بيروت. في حين كان القسم الثاني الذي يشمل المناطق الجنوبة ويشكل لواء القدس الذي كان يتمتع باستقلالية خاصة ويتبع سلطة وزير الداخلية العثماني مباشرة.
وعندما عقد مؤتمر كامبل نيرمان 5091- 7091 لوضع مخطط لحماية مصالح الدول الاستعمارية، كانت حصيلة ابحاثه ان الخطر الذي يهدد مستقبل الدول الاوروبية يكمن في المنطقة العربية الممتدة من المحيط الى الخليج، والتي تمتلك مقومات الوحدة في الجنس والدين واللغة. وكان قرار المؤتمر يقضي باقامة كيان غريب في قلب هذه المنطقة يكون عدوا لسكانها وصديقا للدول الاستعمارية. وجاء بلفور عام 7191 ليعطي وعدا لليهود باقامة وطن قومي لهم في فلسطين وقد اعتبر الوعد ان 79% من السكان الفلسطينيين العرب هم اقليات منطلقا من ان فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا وطن.
كانت ردة الفعل الفلسطينية الاولى هي الاندماج الكامل بين الوطنية والقومية والتمسك بان فلسطين هي جزء لا يتجزء من سوريا الكبرى. الا ان الشعور القومي في فلسطين تركز بشكل واضح على ارض وشعب مستهدفين من الصهاينة للانقراض والضياع، الامر الذي استوجب انبعاث الوطنية الفلسطينية ذات الخصوصية المتميزة عن باقي الاراضي العربية التي قسمتها مؤامرة سايكس بيكو الى اقاليم تحت الانتداب البريطاني والفرنسي. وقد ظلت الوطنية الفلسطينية مندمجة ومتلاحمة مع الطموح القومي العربي في الوحدة والتحرر، الامر الذي جعل الشعب الفلسطيني يتمسك بعلم الوحدة العربية، وينشد (بلاد العرب اوطاني). وقد توزع الفكر السياسي في فلسطين خلال مرحلة الانتداب الى ثلاثة تيارات.. التيار الوطني القطري والتيار القومي والتيار الماركسي الشيوعي. وكان التيار الاسلامي اكثر اندماجا في صلب التيارين الوطني والقومي دون ان يحدد اتجاها عاما قبل انبعاث حركة الاخوان المسلمين عام 6491.
وقد برز التيار الوطني القطري متميزا ببعده الاسلامي بعد هبة البراق وفي ثورة الشيخ عز الدين القسام التي كانت مقدمة للثورة العربية الكبرى في فلسطين التي امتدت من عام 6391 الى 9391 وكان اضراب الاشهر الستة يعتبر اقوى اضراب في التاريخ ولكنه انتهى على ايدي الحكام العرب الذين طمسوا الوطنية الفلسطينية وانبعاثها. واستمر هذا الطمس بعد نكبة عام 8491.. حيث تمزقت فلسطين ارضا وشعبا، وغاب تيار الوطنية القطرية الفلسطينية بشكل كامل، في حين طغى تيار القومية متمثلا في حزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب وكذلك الفكر الديني الاسلامي ممثلا بجماعة الاخوان المسلمين وحزب التحرير الاسلامي اضافة الى التيار الماركسي الشيوعي. ولم يبرز التيار الوطني القطري الا بعد العدوان الثلاثي على مصر وسقوط قطاع غزة تحت الاحتلال. ولقد لعبت مرحلة مقاومة الاحتلال في قطاع غزة، والتي شاركت فيها جميع التيارات الى بلورة التيار الوطني القطري الفلسطيني المقاوم. وقد استطاع الاستقطاب الوطني فرض حالة التلاحم بين اعضاء من التيارات القومية والاسلامية والماركسية باتجاه رؤية ان على الشعب الفلسطيني ان يكون سيد نفسه وان يقود نضاله وان يكون طليعة الامة العربية في معركة تحرير فلسطين. وقد برزت هذه الافكار اول ما برزت عام 7591في بيان حركتنا الذي اصدرته نواة التنظيم القطري الفلسطيني تحت اسم حركة التحرير الفلسطيني فتح حيث جاء فيه..
(حركتنا.. حركة وطنية ثورية منبثقة من صميم ارادة الشعب العربي الفلسطيني ووجدانه
حركتنا.. حركة تدعو الشعب الفلسطيني الى الوحدة الوطنية الفلسطينية
حركتنا.. حركة تهدف لخلق الشخصية العربية الفلسطينية في الوجود العربي والدولي.
حركتنا.. بعيدة عن الاقليمية وتؤمن بأن فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير). (1)